نيويورك تايمز
عايدة العلمي
ترجمة: احمد نيفالي
المقال قام بنشره الصحفي المتميز مصطفى حيران في جريدة أخبركم
يمكنكم الاطلاع عليه عبر هذا الرابط
http://www.okhbir.com/?p=13831
المقال قام بنشره الصحفي المتميز مصطفى حيران في جريدة أخبركم
يمكنكم الاطلاع عليه عبر هذا الرابط
http://www.okhbir.com/?p=13831
باريس- جلس في سيارته، متجمدا من الخوف، بينما كان المسلحون يصوبون بنادقهم باتجاه أمه الحامل في كرسي السائق أمامه.كانوا يسرعون إلى حفلة عيد ميلاد الملك لأنهم سمعوا أن هناك فوضى.كان ذلك صيف سنة 1971، حيث قتل الجيش المغربي حوالي 100 مدعو للحفلة في محاولته لإسقاط الملكية. وقد قام المسلحون بإطلاق سراح المرأة الحامل وابنها ذي السبع سنوات. مؤخرا في ذلك اليوم فشل الإنقلاب.
عن طريق الحفاظ على عرشه، قام الحسن الثاني بتشديد قبضته على رعاياه بما فيهم عائلته.
هذا التحول مازال يتذكره الأمير مولاي هشام ذو السبع سنوات جيدا. الإبن الأكبر للأخ الوحيد للملك الراحل الحسن الثاني مولاي عبد الله، هو كذلك ابن عم الملك محمد السادس- مما يجعله ثالث وريث للعرش.
يلقب ''بالأمير الأحمر''، وقد كبر ليصير ناشطا سياسيا جعله دفاعه العلني عن الديمقراطية في خلاف مع عائلته في المغرب. اختار المنفى في أمريكا وتم منعه من حضور دعوة الملك إلى إقامة الملكية الدستورية مثل إنجلترا واسبانيا.
في بيئة ثقافة حيث ينتظر من الأمراء أن يمسكوا ألسنتهم وحيث أن أمور العائلة لا تغادر أسوار القصور فإن الأمير هشام ليس موضع ترحيب.
'' كان الأمر صادما. فقد رأيت أبا محطما.إنه عالم حيث كل شئ مصطنع ولا شئ حقيقي.'' هذا ما قاله الأمير الذي بلغ الآن 50 عاما في حوار من فندقه في باريس. '' أنا سعيد أن أعيش بعيدا. بدل أن يكون لك 100 صديق، تملك فقط 5 ، لكن على الأقل فأنت تعلم أنهم سيكونون بجانبك.''
في شهر أبريل قام بإصدار سيرته الذاتية الجديدة،''يوميات أمير منبوذ'' التي تنسج سلسلة من المقالات القصيرة والحكايات لإعطاء القارئ لمحة عن العائلة الملكية في المغرب. لكنها كذلك تخدم كنقد سياسي لاذع للمملكة من الداخل.
هذا الكتاب، الذي سيتم ترجمته إلى الإنجليزية في ظرف شهور قليلة، يتحدث بتفاصيل عن كيف بنى الحسن الثاني، الذي مات سنة 1999،نظاما مبهما من الحكم حيث تستطيع النخبة انتهاك القانون والإفلات من العقاب.بالرغم من أنه أشاد بعظمة الملك السابق التي لا يمكن إنكارها، فقد وصفه الأمير بالعبقري الشرير الذي جلب المغرب إلى الساحة العالمية. كذلك أعطى نظرة حميمية على الحياة داخل القصر،والنشأة بين المؤامرات والألعاب الذهنية بينه وبين عمه.
وقد استعمل ذكاءه الحاد لوصف بعض حلقات عمه الأكثر إثارة للحيرة ، مثل ذلك اليوم من سنة 1980 عندما ترك الحسن الثاني الملكة إليزابيث ملكة إنجلترا ساعة في انتظاره- حيث أراد أن يظهر، هذا ما اعتقد، أنه الأعظم بين الإثنين.
الأمير مولاي هشام كذلك تحدث عن الإهانة التي تعرض لها، وشارك أمورا حميمية حول إدمان والده على الكحول وصراع أمه مع تعاطي المخدرات.
عندما صار الملك محمد على العرش سنة 1999، تم الترحيب به بمزيد من التفاؤل الذي تلاشى بعض بعض الإشارات غير المطمئنة تجاه الديمقراطية وحقوق الإنسان.
''ليس هناك استثناء مغربي- النظام شمولي، هذا كل شئ،'' هذا ما قاله الأمير. '' بعد موت الحسن الثاني، بسرعة صار واضحا لابنه أن التغيير يعني دفع تكاليف ومقايضات. لم يكن مستعدا للتضحية، وبالتالي فقد عاد النظام إلى عاداته القديمة.''
سنة 2011، وبينما كان الربيع العربي يسقط المستبدين في تونس،مصر وليبيا من القوة، فقد قام الملك محمد باقتراح اصلاح الدستور الذي كفل المزيد من العدالة الإجتماعية وأعطى الأهمية لحقوق الانسان. لكن الأمير مولاي هشام يقول أن هذه التغييرات كانت مرة أخرى تجميلية، وقام بشكل متواصل بحث المملكة على القيام بتغييرات سريعة. الدمقرطة الحقيقية، يجادل، هي التغيير الوحيد الذي يمكن أن ينقذ الملكية على المدى الطويل.
إيناس دال مؤلف كتاب ''الملوك الثلاثة''، الكتاب الذي يتحدث عن الملكية في المغرب قال أن '' هذا الكتاب قاس لأن الحقيقة قاسية,'' وأضاف:''مولاي هشام محق،هذا الأمر لا يمكن أن يستمر للأبد.''
الملك محمد تعرض للنقد بسبب قبضته القوية على الاقتصاد وتدخله في أدق تفاصيل الحكومة المنتخبة.
السيد دال قال أيضا ''لا أرى في محيط الملك محمد السادس أي مستشارين يمكن أن يخبرونه أن يتحرك إلى الأمام,'' ''إنهم غارقون جدا في الاهتمام بمصالحهم الشخصية.''
جون واتربوري، المثقف الأمريكي ومؤلف كتاب ''أمير المؤمنين،'' الذي يتناول السياسة المغربية بشكل واسع قال أن كتاب الأمير مولاي هشام يعطي تفاصيل حميمية تلقي الضوء على الملكية وعلى محيط الملك.
تلك المحاولة من أجل الشفافية حسب واتربوري كان لبد أن تثير الصدمة والغضب.
''في طرحه، كان الأمير مولاي هشام قاسيا على الكثير من المغاربة، خاصة الأغنياء والمحظوظون الذين يعيشون على الامتيازات التي تمنح لهم من طرف المخزن.'' هذا ما أضافه ملمحا بالعربية إلى نخبة النظام. ''نقده تم بناؤه على مدى سنوات.وقد كان جليا سواء في المناسبات العائلية -حفلات الزواج،أعياد الميلاد، وحتى في الجنائز- وفي آرائه التي يعبر عنها في جريدة لوموند ديبلوماتيك وفي أماكن أخرى.''
''الشخص لا يمكن أن يستعرض هذه الأمور، بعضها فيه إطراء وبعضها الآخر حساس جدا، دون أن يحدث انفجارات،'' وأضاف'' مولاي هشام يريد تغييرا عميقا، التغيير الذي يمكن أن يرعب أي رئيس دولة.''
الأمير،حاصل على شهادة من جامعتي برينستون وستانفورد، وعمل سابقا في الأمم المتحدة لحفظ السلام في كسوفو، وعمل في الهيئة الاستشارية لهيومن رايتس واتش وعمل على إنشاء العديد من المعاهد. هو أيضا رجل أعمال و داعية متحمس للطاقة النظيفة، كما عمل على انتاج الفيلم الوثائقي الحاصل على جائزة ''همسة للهدير'' الذي يتحدث عن الصراع من أجل الديمقراطية عبر العالم.
السياسة-بشكل خاص في بلده- تبقى في قلب نشاطاته.
الأمير مولاي هشام قال وهو يلبس قميصه الرمادي وسروال الجينز في فندقه بباريس:''النظام عليه أن يلبي الرغبات الاجتماعية، ولا يمكن أن يلبي هذه الرغبات لأنه يدمر الاقتصاد الذي يجب في الحقيقة أن ينميه.'' وأضاف :''المخزن سيدرك في النهاية أزمته بسبب تناقضاته.''
وقال :''المغاربة كذلك في منطقة المواجهة.إنهم يريدون التغيير، لكنهم لا يريدون سلك نفس الطريق الذي سلكته تونس ومصر.''
الأمير هجر الملك الحالي منذ 20 عاما، باستثناء لقاءات قليلة. بناته، من جهة أخرى مقربات من الملك محمد السادس. يقول هذا بينما لم يعد يعرف ابن عمه، لديه فقط ذكريات جميلة لطفولة سعيدة قضوها معا.
أما حول ردود الفعل حول كتابه في الاعلام المغربي فقد هز كتفيه فقط.
وأجاب بابتسامة ووميض في عينه أن ''الكتاب يحقق أعلى المبيعات،''
''لست مرهوبا، إن نجيت من الحسن الثاني فإن الباقي مثل المشي في الحديقة.''
ملاحظة: هذا المقال بذلت جهدا كبيرا في ترجمته لذلك لن أسامح أي شخص يقوم بنقله دون ذكر المصدر
ملاحظة: هذا المقال بذلت جهدا كبيرا في ترجمته لذلك لن أسامح أي شخص يقوم بنقله دون ذكر المصدر
Comments
Post a Comment