لا شك أن أهم موضوع يهم الإخوة المصريين في هذه الأيام هو من سيكون رئيس مصر القادم. وإن كان الجميع يعرف أن المشير عبد الفتاح السيسي قائد انقلاب يوم 30 يونيو لن يترك السلطة تفلت من بين يديه بعد أن وفر كل الظروف لنفسه وصار كرسي الرئاسة على مرمى حجر منه. إلا أن الكل يتظاهر أن السيسي ليست له نوايا للترشح ولا مطامع في الرئاسة.
فهو تدخل في الإنقلاب من أجل تجنيب مصر الفتنة وتخليصها من جماعة "إرهابية" كانت تتخابر مع أطراف خارجية من أجل ضرب أمن واستقرار المحروسة.
السيسي ذكي أكثر من الازم لذلك لم يترشح لرئاسيات مصرمنذ البداية، عوض ذلك جيش الإعلاميين والدجالين من أجل تهيئ الشعب المصري لتقبله كمنقذ وك"صاحب مصر" أي الحاكم المنتظر الذي تتحدث عنه النبوءات منذ زمن في كتب الجفر وغيرها.
من أجل اضفاء طابع الشرعية على الانقلاب العسكري صرح السيسي وأقسم بالله أنه لن يترشح للرئاسة وهي خطوة ذكية من أجل طمئنة الشعب أولا ثم الشباب الذي نزل الى الميادين يوم 25 يناير من أجل اسقاط ديكتاتورية مبارك أن ينقلب عليه ويرفع شعار يسقط حكم العسكر مجددا.
المرحلة التي تلت الانقلاب كانت حساسة وخطيرة جدا لذلك وجب التعامل معها بالكثير من الدهاء والفطنة.
وحيث أن الشعب المصري شعب متدين مثل باقي الشعوب العربية، سيتم استغلال هذه النقطة لصالح السيسي، كيف ذلك؟
كلنا يعلم الدور الهام الذي يلعبه الاعلام في الدعاية والسيطرة على عقول الشعوب، لذلك تم استغلال الاعلام المصري من أجل التبشير بالسيسي على أنه 'الفتى المنقذ' أو 'المهدي المنتظر' الذي تتحدث عنه النبوءات والذي سيملأ الأرض عدلا بعد أن ملأت ظلما وجورا.
من أجل تحقيق هذا الهدف تم تجييش مجموعة من المنجمين لعل أشهرهم هي جوي عياد التي تدعي تمكنها من علم الجفر وعلم الأرقام وأحمد شاهين الملقب بنوستراداموس العرب وغيرهم كثير ليبشروا الشعب المصري في توقعاتهم للسنة الجارية بقدوم 'المخلص' الذي لا يعدو أن يكون شخصا آخر غير السيسي.
ولكي تكتمل النبوءة ويصدق الشعب المصري المغلوب على أمره بسبب طغيان الظلم وكثرة الفساد والفتن تم تسريب فيديو للمشير عبد الفتاح السيسي بثته بغباء قناة الجزيرة يتحدث فيه عن رؤاه، حيث رأى في المنام أنه يحمل سيفا أحمر مكتوب عليه 'لا إله إلا الله' وفي يده ساعة أوميغا دليل على العالمية، وعندما أخبره أنور السادات أنه كان يعلم أنه سيكون رئيسا لمصر أجابه السيسي بثقة وأنا أيضا سأكون رئيسا لمصر !
الأخطر من كل ما سبق أن من دبروا الانقلاب في مصر يخططون لتنصيب السيسي رئيسا لمصر بدون انتخابات. وهو الأمر الذي تتم الدعوة له في القنواة المصرية-التي صارت أشبه بقنوات للصرف الصحي من كونها قنوات إعلامية- بشكل صريح لا لبس فيه.فهاهو الإعلامي أنور عكاشة مثلا في هذا الفيديو يطلب من الشعب المصري أن يخرج إلى الشارع من أجل المطالبة بالسيسي رئيسا لمصر بدون انتخابات، وإن لم يفعل ذلك فالسيسي لن يترشح وعلى الشعب المصري أن يتحمل تبعات ذلك.لأن عدم تفويض الشعب للسيسي يعني إجراء انتخابات ديمقراطية وهو أمر غير مقبول بمفهوم من دبروا الانقلاب ومن يسبحون في فلكهم.
في كل الجرائم السياسية والانقلابات والعمليات الإرهابية التي تحدث في كل مكان في هذا العالم، إن أردت أن تعرف من يقف وراءها ومن خطط لها ومن نفذها عليك أن تبحث عن المستفيد منها بعد أن ينقشع الغبار وتمر العاصفة، حيث أن المستفيد منها هو من دبر لها لا من دفع ثمنها وزج به إلى حبل المشنقة بسببها.
إلى هنا نطرح السؤال المهم: من المستفيد الأكبر من "الثورة/الانقلاب" المصري؟
الجواب على هذا السؤال واضح ولن تكفي كل مساحيق الكون لتزيين بشاعة الانقلاب الذي أجهز على أول ديمقراطية في العالم العربي، كان نجاحها سينعكس-ولا شك- إيجابا على كل الدول العربية.
Comments
Post a Comment